في عيد الأم… اليكم هذه المعلومات عن صحة الأم وسعادتها
على عكس المتعارف عليه؛ لم يعد الفقر المادي هو السائد والمتحكم في صحة الأشخاص فحسب، بل أصبحت ظاهرة “فقر الوقت” أكثر انتشارا وتأثيرا على صحة النساء ومدى سعادتهن على وجه الخصوص، وأصبحت عاملًا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع مؤشر كتلة الجسم والاكتئاب.
وفي تقرير نشرته مجلة “وومنز هيلث” (womenshealthmag) الأميركية، تقول الكاتبة أريل سيكليت إن الاستفادة القصوى من الوقت تكمن في كيفية استغلاله وكيفية تحديد الأولويات في الحياة، ونظرا لعدم امتلاك الأشخاص القدر نفسه من وقت الفراغ، فإن كل دقيقة إضافية توفر حقوقا أساسية وامتيازات، فتكون الساعات الزائدة ترفا لا يمتلكه الناس من “فقراء الوقت”.
وتقولي آشلي ويلانز، مؤلفة كتاب “الوقت الذكي: كيف تستعيد وقتك وتعيش حياة أكثر سعادة؟”، “إن ظاهرة “فقر الوقت” هي تجربة ذاتية تعني وجود كثير من الأعمال التي يجب القيام بها من دون وجود الوقت الكافي لذلك، وهو ما يمكن أن تواجهه إذا ما كنت تعمل باستمرار حتى وقت متأخر أو إذا ما كان لديك أطفال، أو تتحمل مسؤولية القيام بالأعمال المنزلية”.
أولويات الأمهات
وتوضح الكاتبة أنه وفقًا لدراسة حديثة في مجلة الصحة العالمية، فإن النساء اللاتي يقمن بمعظم الأعمال المنزلية وينتهي بهن الأمر كأمهات كما يُفترض أن يكون هن أكثر المتضررات.
وهو ما تقول عنه ليانا ساير مديرة مختبر استخدام الوقت في ماريلند “ستقوم النساء بتقليص ساعات العمل، أو حتى الانسحاب من القوى العاملة، أو سيحاولن ببساطة القيام بعمل مدفوع الأجر وآخر غير مدفوع الأجر، وذلك يترك وقت فراغ أقل للترفيه والنوم”.
وتشير الكاتبة إلى أن الوباء أدى إلى تفاقم هذه المشكلات الحالية إذ نتج عنه مغادرة نحو 3 ملايين امرأة القوة العاملة مع بداية فبراير/شباط 2021، مبيّنة أنه رغم أن بعض النساء استفدن من العمل من المنزل فإن 80% ممن شملهن الاستطلاع في تقرير “ديلويت غلوبال” لعام 2021 قلن إن آفاق أعباء العمل ارتفعت بسبب الوباء؛ حيث قام نصفهن تقريبًا بتكييف ساعات عملهن لاستيعاب واجبات تقديم الرعاية المتزايدة، فأعاق ذلك علاقتهن مع صاحب العمل.
أجور ضعيفة وأعباء زمنية أشد
وتبيّن الكاتبة أن النساء ذوات الدخل المنخفض يواجهن أكبر فجوة في الأجور، تنتهي بتقسيم وقتهن وتعقيد وظائفهن سواء المدفوعة الأجر أو الاجتماعية؛ حيث تقول انجلا جلوفر بلاكوبل، المؤسسة المقيمة في معهد البحث والعمل للعدالة العرقية والاقتصادية “بوليسي لينك”، “إنهن يعانين من الجوع بسبب الوقت الذي يستغرقه الاستثمار في العلاقات مع العائلة أو المجتمع”.
وتلفت إلى أن هاتيك النساء قد يأملن الاندماج في اجتماعات الآباء والمعلمين، ولكن عندما لا تكون هناك إجازة مدفوعة الأجر ويكون هناك إعلان عن مهام المناوبة في اليوم السابق، فسينتهي الأمر بقوائم مهام مستحيلة.
الأجور مرتبطة بالأصل العرقي
ووفقًا لمركز التقدم الأميركي، حسب الكاتبة، فإن النساء من ذوات البشرة السوداء يتحملن العبء الأكبر من “فقر الوقت”، نظرًا لأن 68.3% منهن يمثلن الدعم المالي الأساسي لأسرهن، وهو ما يُعدّ أكثر من ضعف النسبة المئوية للنساء البيض، وأكثر من 50% من النساء من أصل إسباني، كما يمكن أن يكون وقت الاسترخاء أمرًا نادرًا، حتى في المنزل، حيث توجد أعباء الطهي والواجبات المنزلية.
وتضيف أنه لم يكن لدى 21% من أسر ذوي البشرة السوداء التي تعيلها سيدات إمكانية شراء سيارة في عام 2017، وهو ما يعني قضاء دقائق ثمينة في وسائل النقل العام، ومن ثمّ فإن العزيمة والإنتاجية لـ”ثقافة الصخب” التي تحتفل بها الدوائر الأخرى، في هذه الحالة، هي مجرد وسيلة للحصول على المال.
الوقت اللازم لتجاوز خط الفقر
وتُؤكد الكاتبة أن أولئك الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم لا يملكون في الغالب وقتًا كافيًا للعناية بأنفسهم، فهم غير قادرين على تحديد مواعيد فحوص الطبيب الروتينية أو ممارسة الرياضة أو معالجة صحتهم العقلية بشكل مناسب، وحتى وجبات العشاء المغذية نادرًا ما تكون مفيدة لهم.
وتبيّن أنه غالبًا ما تعتمد النساء اللائي يعملن في وظائف متعددة لكسب أجر معيشي على مطاعم الوجبات السريعة، نظرًا لأن متاجر البقالة في الأحياء المنخفضة الدخل قليلة ومتباعدة، وحتى لو وجد القاطنون في هذه الأحياء وقتًا لتعبئة مخازنهم، فإن الشراء بكميات كبيرة أمر غير وارد ما لم يكن لديهم سيارة.
تأثير “قلة الوقت” على الرفاهية
ويمكن ملاحظة أن أشياء مثل الاعتماد على الأصدقاء عندما تكون مرهقًا، والحصول على مزيد من النوم، والاحتفاظ بالوجبات الصحية في متناول اليد ليست متوفرة هنا. وفي هذا الصدد تضيف ويلانز، حسب ما نقلت الكاتبة، أن ضغوط الوقت تؤثر تأثيرا سلبيا على السعادة أكثر من التأثير لدى العاطلين عن العمل، و”هو ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع مؤشر كتلة الجسم، والاكتئاب”.
وتنقل الكاتبة عن مسح أجرته مؤسسة “كايسر فاميلي ماونديشن” أن 77% من الأمهات هن اللاتي يأخذن أطفالهن إلى مواعيد الطبيب، مقارنة بخُمس الآباء، أما من لا يحصلن على إجازة مرضية مدفوعة الأجر فإن الفحص الطبي لا يوجد في بطاقاتهن أساسًا.
الذكاء في إدارة الوقت
وترى الكاتبة أن المسألة تتطلب إعادة هيكلة منهجية، أي تغييرات في الوضع الحالي، حيث تنقل عن ويلانز قولها إن القيود المادية “لا تُعدّ العامل الرئيس الذي يديم دورة الفقر فحسب، بل تفعل القيود الزمنية ذلك أيضا”، موضحة أن الفقر لن يُجابه حتى يعترف صانعو السياسات وقادة المنظمات بأنه ناتج عن عدم المساواة المالية والزمنية على حد السواء.
وحسب سيكليت، فإن من ضمن الحلول المقدمة ما ذكرته سارو جارايامان، مديرة مركز أبحاث العمالة الغذائية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي ورئيسة “وان فير وايج”، من ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور؛ حيث ستقلل هذه الخطوة البسيطة المتمثلة في رفع الأجور من دولارين إلى 15 دولارًا في الساعة -في أميركا على سبيل المثال- مع إضافة الإكراميات من اضطرار النساء إلى العمل في وظيفتين أو 3 وظائف، وهو ما سيسمح لهن بقضاء بعض الوقت مع أطفالهن.
“الاجتهاد” للتركيز على ما تحب
كما أشارت جارايامان إلى عناوين 2020 المتعلقة بالنساء اللواتي أتيحت لهن الفرصة لقضاء مزيد من الوقت مع العائلة، للتركيز على الهوايات التي كن يتجاهلنها، ولكنهن لم يوفقن بينها وبين العمل، وهو ما نتج عنه تركهن لوظائفهن.
وهذه الخيارات لا تُعدّ مطروحة لملايين الأميركيين، حيث أمضت النساء ذوات الدخل المنخفض اللاتي لم تستطع أعمالهن توفير خيارات العمل من المنزل مئات الساعات في الاتصال بوكالات التوظيف على أمل أن تكون الساعات القادمة أفضل من سابقتها.
وتؤكد في ختام مقالها أن معرفة اختلاف الموارد بين الأشخاص يمكن أن تساعد على معرفة سبب اختلاف قائمة الضروريات أيضًا؛ ففي كثير من الأحيان لا يتعلق الأمر بالخيارات المتخذة، بل بالظروف التي نعيش فيها.
(الجزيررة)